مما لا شك فيه أن الدخان الصادر عن وسائط النقل
المختلفة ،وخصوصا السيارات والحافلات العاملة على وقود الديزل ، تشكل خطرا حقيقيا على صحة من يستنشق هذه الغازات السامة والخطرة للغاية ، لقد أجريت المئات من الدراسات العلمية حول تلك السموم المنتشرة في شوارع المدن الحديثة ، والتي بينت وبشكل قاطع ما تشكله هذه الأدخنة من خطر
من أحدث تلك الدراسات تلك التي قام بها فريق من الباحثين من جامعة نورث وستيرن في ولاية شيكاجو ، حيث تم تحليل ودراسة الدخان الملوث الصادر عن وسائط النقل والذي يحتوي على خليط خطير من الغازات السامة المختلفة ومدى علاقة استنشاق هذه الغازات وحدوث الجلطات الدماغية لدى الأفراد ، لقد بينت نتائج تلك الدراسات أن استنشاق هذه الأدخنة الخطيرة يؤدي إلى حدوث التهابات خطيرة في الرئة ينجم عنها إفراز الجسم لبروتين يدعى ( انترلوكين – 6 ) والذي يعمل على زيادة تجلط الدم .
هذه النتائج جاءت متفقة مع دراسة سابقة قام بها الباحث ماتلو ونشرها في إحدى الدوريات الطبية حيث أكد أن استنشاق عادم السيارات والحافلات الصغيرة والكبيرة يؤثر بشكل كبير وخطير على صحة المصابين بأزمات قلبية سابقا ، وذلك بسبب الدور الذي يلعبه بروتين انترلوكين – 6 في زيادة تجلط الدم.
هذه النتائج أيضا كانت متفقة مع دراسات أخرى أجراها فريق من الباحثين حول مجموعة من الفئران التي تعيش في بيئات ملوثة بدخان وسائط النقل حيث وجد أنها تنزف دما اقل من المعدل الطبيعي ، أي أن دماءها تتجلط بشكل سريع .
إن تلك الدراسات والنتائج تبين وبشكل واضح مدى العلاقة بين دخان وسائط النقل وخصوصا الحافلات والسيارات التي تعمل على الديزل وتنفث سمومها في كل لحظة في شوارع مدننا وقرانا وحدوث الجلطات والسكتات الدماغية لدى من يعيش في مثل هذه الأوساط البيئة الخانقة والقاتلة .
إنها دعوة حقيقية إلى كل من له علاقة ولكل أصحاب القرار بضرورة وضع ضوابط رادعة لمنع هذا التلوث المذهل الذي يسيطر على شوارع مدننا ، فمهما كانت الأسباب والذرائع ، فلا شيء يساوي حياتنا وصحتنا التي أصبحت تنتهك من قبل من يلوثون بيئتنا على مدار الساعة وفي كل يوم
................................................................................................
يعتبر غاز العوادم المنفوث من السيارات أكبر تهديد للبيئة وأشدها خطراً على صحة الإنسان والسبب في ذلك لأنه مشبع بأوكسيد الكربون الذي يؤثر على قدرة الدم في نقل الأوكسجين ويعتبر ضاراً جداً لمرضى القلب. وتتسبب أكاسيد النيتروجين أيضاً في تكوين الأوزون، كما أنها تتسبب في حدوث ظاهرة الأمطار الحمضية ومن أهم مسببات ظاهرة ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض أو ما يُعرف ب «الاحتباس الحراري» ومن أهم تلك المواد التي تدخل ضمن مكونات العوادم هي المادة الدقائقية (particulate matter) خليطاً من دقائق أو جسيمات جامدة وقطرات سائلة، وهي إحدى انبعاثات عادم السيارات.. وهذه المادة الدقائقية مشكلة صحية كبرى، لأنها قابلة للاستنشاق بكل سهولة وبالتالي تصل إلى أعماق الرئتين بشكل مباشر لصغر حجمها، مؤثرة بذلك على وظائف الرئة الحيوية.
لقد أثبتت الدراسات العلمية أن زيادة قصيرة المدى في المادة الدقائقية العالقة بالجو ذات القطر الأقل من 10 مايكرومترات (PM01) تؤدي إلى زيادة عدد الوفيات وزيادة حالات أمراض القلب والصدر التي تدخل المستشفيات، بالإضافة إلى زيادة احتياج مرضى الربو الشعبي إلى استخدام الأدوية وزيادة حالات انخفاض وظائف الرئة والالتهاب الشعبي المزمن. كما أن التعرض المستمر المتراكم لهذه المادة الدقائقية التي تسببها عوادم السيارات تؤدي إلى زيادة الأمراض عامة وانخفاض متوسط العمر المتوقع. حيث انها تستمر تلك المادة الدقائقية عالقة بالجو مدة طويلة وتنتقل مسافات طويلة قد تصل إلى مئات الكيلومترات ناهيك عن تأثيرها المباشر على الإدراك نحو الأطفال، وأن راكبي السيارات معرضون لهذه الملوثات أكثر من المشاة وراكبي الدراجات المستخدمين لنفس الطريق.
وعند النظر إلى المصدر الرئيس للتلوث في تلك السيارات المهملة صيانتها وكذلك سيارات النقل والباصات فهي مصدر هذه الملوثات بشكل رئيس والتي تسبب في كل ما ذكرت. أذكر أنني قبل فترة وجيزة كنت ذاهباً إلى عملي في الصباح الباكر سالكاً طريق الملك فهد حيث شاهت سيارة أمامي تنبعث منها كتلة من السحابة الدخانية الهائلة من العادم لا أبالغ إن قلت انها كادت أن تغطي حجم الرؤية بشكل تام لسائقي السيارات الذين كانوا خلفها مباشرة من هول ضخامة تلك السحابة الدخانية!، فلو كانت إحدى نوافذ السيارة مفتوحة حينها لكان حجم الضرر كبيراً من تلك السحابة المشبعة بالغازات السامة، خاصة أطفالنا فلذات أكبادنا الذين يرتادون الشوارع يومياً كل صباح ذاهبين إلى مدارسهم ومعرضين أنفسهم لتلك الملوثات الضارة عليهم مشكلة خطراً صحياً مباشراً على رئتهم.